الفريزا …

شارك الموضوع

بقلم : الحلحالي احمد

غادرت المسجد عقب صلاة الفجر ، و عند مفترق الطرق المؤدي إلى حي عين ابي فارس مررت بمجموعة نسوة عند باب  دكان مغلوق و قد أثار فضولي لغطهن المرتفع.  الفضاء خال إلا ما كان من بعض القطط. تذكرت الحقل المغناطيسي للفراش في هذا البرد القارس،  و ذكرت انني كنت أوثر راحة النوم على لذة الأكل لما كنت أشتغل في رمضان.

ولجت البيت :

– حوالي عشرة نسوة في هذا البرد القارس….

رفعت عينيها من المصحف و قالت :

– إنهن عاملات في ضيعات الفراولة بللا ميمونة… ينتظرن الحافلة .

قفز إلى سطح ذاكرتي ذاك الحدث الذي اهتزت  إليه ساكنة مدينة  وزان قيل حوالي سنتين. أصيب عدد من العاملات في القطاع الفلاحي من الجماعات الترابية القروية  لإقليم وزان  بوباء كورونا، و قد  اضحت  للا ميمونة بؤرة حقيقية…

تسللت إلى الفراش و لذة النوم بعد الفجر خاصة في شهر رمضان لا تقاوم ، و عقلي لم يغادر المشهد…المسافة التي تفصل بين وزان و للا ميمونة لا تقل عن حوالي 70  كلم،  و ذلك يستغرق على الأقل حوالي ساعة و نصف ذهابا ، و بعدئذ يبدأ العمل الشاق بحيث يظللن طول اليوم منحنيات ، ثم يعدن إلى بيوتهن،  و الالتزامات و الصوم…

كم يتقاضون ؟

حوالي  80 درهم لليوم  ، في مقابل حوالي 35 اورو لليوم  للعاملات في قطاع جني الفراولة في إسبانيا !

جل العاملات ينحدرن من بيوت هشة، يعشن في ظروف مزرية…مطلقات أو ارملات…بعضهن متزوجات و لكن الزوج عاطل…

و لم بالضبط النساء هن  اللائي يشتغلن في هذا القطاع ؟

الرجال عادة ما يعتبرون هذا الصنف من العمل مهينا و عارا  لأنه  ” انثوي ” و ذلك لأن فاكهة الفراولة ناعمة و حساسة،  الشي الذي يستوجب  لجنيها أصابع ناعمة…

عمل شاق لا محالة ، منحنيات على مدى  أوقات العمل ، و عند العودة اشغال البيت في الانتظار…ناهيك عن الاستغلال الجنسي البشع من طرف المشغلين…

إذآ كان رسم المغرب اخضر بالنسبة للخواص ، فهو اسود قاتم لعموم ابناء الشعب…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا