الحقوقي نور الدين عثمان يتساءل: من هو مبدع وزان ؟

شارك الموضوع

أصداء المغرب من وزان

بقلم الفاعل الحقوقي نور الدين عثمان

هذا السؤال يتردد بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة بين ألسن ساكنة ونشطاء إقليم وزان، وهناك مئات الرسائل تتداول في الخاص بين المواطنين، وكل يطرح نفس السؤال، ومعه تتعدد الإجابات حسب معلومات وموقع كل شخص، لأن أهل وزان يعرفون أن الإقليم تواجد ويتواجد به عشرات من أمثال مبدع ،ويعرفون أن أموالهم وخيراتهم سرقت بشكل ممنهج طيلة عقود من الزمن، والنتيجة هجرة خيرة شبابها إلى مدن أخرى حتى باتت وزان تصنف في خانة المدن المنفرة، كما اضطرت نسائها لقطع مسافة الألف ميل يوميا للعمل في حقول الفراولة “الفريز” بثمن بخس وفي ظروف جد قاسية أقرب إلى حقب العبودية حيث لا قيمة للكرامة الإنسانية.

 

لهذا أعتقد أن الجواب أو معرفة من هو مبدع وزان ،لن يفيد كثيرا، لأن الفساد غير مرتبط بشخص معين، بقدر ما هو مرتبط بمنظومة فاسدة وجدت أرضا خصبة لنموها وتصورها حتى أصبحت غول يأتي على الأخضر واليابس ،أي أن هناك مركب مصالحي تشكل على امتداد الثلاثين السنة الأخيرة ،فتشكل لهذا المركب الفاسد درع صلب ضد أي محاولة للمساس به نتيجة ترابط مصالحه وتشعب المستفيدين منه ،فنحن هنا نتحدث عن منظومة متكاملة ومتجذرة في جل المؤسسات العمومية والمجالس المنتخبة، هذا اللوبي قوي وجدا ومن يحاول الإقتراب منه سيكون مصيره سيئا على أقل تقدير.

لفهم الموضوع بشكل أعمق، لابد من الرجوع إلى الوراء حوالي خمسة وعشرين سنة أي إلى سنة 1998 ،وذلك إبان الطفرة المالية والإقتصادية جراء غزو نبتة القنب الهندي للمنطقة وما رافق ذلك من إرتفاع صاروخي لثمن الحشيش، صحيح أن هذا الوضع انعكس إيجابا على ساكنة المنطقة من الناحية الإقتصادية ،لكن أثره السلبي الذي ندفع ثمنه جميعا تجلى في جلب الفاسدين والمرتشين من كل ربوع الوطن بسبب الإغراءات المالية الضخمة، حيث أن الناس تدفع الأموال من أجل العمل بإقليم وزان، وهذا ليس سرا، وهو الوضع الذي مزال مستمرا إلى الآن، لكن بوتيرة ضعيفة بسبب تراجع قيمة القنب الهندي ومشتقاته في السوق ،وطبعا من سلبيات القنب الهندي الكثيرة نجد إتساع دائرة الخوف وبالتالي الجبن بين الناس نتيجة كثرة المبحوث عنهم قضائيا وسيف السجن المسلط على رقابهم ليل نهار.

وجود بعض المسؤولين والموظفين الفاسدين نتيجة الفورة المالية المرتبطة بالقنب الهندي ترافق مع بعض السياسين الفاسدين همهم جمع الثروة، وهو الوضع المثالي الذي أدى للإنشاء مقاولات تسخر لنهب المال العام بطرق ظاهرها قانوني وباطنها ريعي فاسد، وهنا اكتمل المركب المصالحي الفاسد، وتجلى ذلك بوضوح في أشخاص كانوا لا يملكون شيئا وفي ظرف سنوات قليلة راكموا عقارات وثروات لا يمكن للعقل السليم تقبلها أو فهمها، وللهروب من العيون التي ترصد، تم تسجيل هذه العقارات والاموال في اسم الزوجات والأمهات والأخوات…

بالرجوع إلى الأرقام المالية التي رصدت لأقليم وزان خلال السنوات العشر الأخيرة مثلا، من أجل إنجاز مشاريع مختلفة، ستجد أن حجم الأموال ضخم جدا وهذا يشمل مختلف المؤسسات العمومية والمنتخبة ،لكن انعكاسها على أرض الواقع ومعيشة السكان ضعيف جدا، نحن هنا نتكلم عن أزيد من ألف مليار سنتيم.

وهذا ما يفسر تجند الجميع أي المركب المصالحي من أجل إفشال الفرع الإقليمي للجمعية المغربية لحماية المال العام في مهده، مخافة النبش في ملفات حارقة، وهذا ما يفسر حملات التشويه التي تطال الحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني الذين يحاولون التصدي لهذه الشبكة العنكبوتية، وهذا مجرد مثال واحد فقط .

لهذا قلت في البداية أن ليس من المهم معرفة مبدع وزان، لأن هناك عشرات من أمثاله، وذكر وزان في ذلك الفيدو في سياق الحديث عن الفساد، لم يأتي عبثا، وإلا لماذا إقحام وزان في أخطبوط الفساد وهي مدينة صغيرة وإقليم فتي ومهمش ؟؟؟؟

فقط إشارة أخيرة : قبل شهور زار مسؤول سياسي/حكومي إقليم وزان سرا، وجلس بين انصاره في جلسة خاصة، فلما اشتكى بعض المستشارين من فساد رئيس جماعتهم، قال ذلك المسؤول أنه على علم بكل ملفات الفساد، لكنه لن يسمح بأن يدخل رئيس جماعة للسجن من حزبه مهما كانت الظروف، متعللا بأن دخول رئيس للسجن سيفتح أبواب السجن لكل المسؤولين، ونصحهم بتغييره في منتصف الولاية…..

إذا كان الرأي العام المحلي معني فعليا بمعرفة الكثير بالإقليم، فإنني مستعد لكشف كل ما أعرفه من خبايا على امتداد عشرين سنة الأخيرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا