بقلم : عبد الله إيرفان
أسدل الستار يوم أمس الخميس 06 يوليوز 2023، على فعاليات النسخة الثانية من مهرجان سلام للتبوريدة وفن العيطة، والتراث اللامادي بجماعة أولاد إملول.
وتنتمي هذه الجماعة ترابيا إلى إقليم الرحامنة، وتقع على الطريق الإقليمية رقم 2108 بين جماعتي سيدي بوعثمان والمحرة المحاذية لإقليم السراغنة ، ويبلغ تعداد سكانها حوالي 9614 نسمة حسب أخر إحصاء للسكان والسكنى.
وعرفت هذه الجماعة القروية عقودا طويلة من الجمود والخمول، وعاشت تحت جلباب جماعات أخرى مجاورة، وهذا ليس غريبا، فمن يلقي نظرة بسيطة سيكتشف أن مركز الجماعة لا يحمل من المعنى إلا الاسم، ولا يتوفر على أدنى شروط الحياة المعاصرة، أما المقر الإداري للجماعة يبدو وكأنه ينتمي لعصور غابرة.
اليوم، جماعة أولاد إملول تنشد واقعا جديدا. كيف لا؟ والانتخابات الجماعية الأخيرة حملت إليها مجلسا مختلفا، قوامه التنوع السياسي، والكفاءة التدبيرية، والحنكة السياسية.
لم يتأخر المجلس الجديد في الكشف عن نواياه الإصلاحية في مواجهة الإرث الثقيل الذي خلفته العقود الماضية، وحجم الملفات التنموية المتراكمة ونفاذ صبر الساكنة.
وفي ظل هذا السياق تولدت فكرة مهرجان قبيلة سلام، ليكون بذلك الخيمة التي سيلتئم داخلها كل مكونات الجماعة ، ويستظل بها الجميع في مسارهم لإعادة اكتشاف أنفسهم ، وتوحيد كلمتهم، وجلب اهتمام غيرهم من بنات وأبناء القرية المغتربين، للانطلاق بجماعتهم نحو أفاق تنموية واعدة بحجم ما تتوفر عليه من تراث غني وموارد غير مستغلة.
ورغم أن فكرة المهرجان نضجت بشكل كبير داخل أروقة المجلس، لكن إخراج الفكرة إلى حيز الوجود لم يكن بالأمر الهين، فمجرد الإعلان عن تنظيم النسخة الأولى للمهرجان السنة الماضية، تعالت أصوات من داخل وخارج الجماعة تستنكر الخطوة وتعتبرها تكريسا لسياسة سوء التدبير وجهلا كبيرا بأولويات الساكنة.
كل هذه الأصوات المنتقدة للمهرجان لم تثن من عزيمة المجلس في المضي قدما في هذه التجربة الرائدة ، لأن إيمانه بها قوي، وثقته في نتائجها كبيرة وعالية ،وواع تام الوعي بكل ما سيحيط بها من عراقيل وصعوبات. ورغم قلة الموارد وغياب التجربة، إلا أن نتائج النسخة الأولى من المهرجان أظهرت الكثير من المؤشرات المطمئنة.
على بركة الله ……………………. الحافظ الله
استطاع المهرجان بسرعة في نسخته الثانية أن يظهر الكثير من ملامحه الحقيقية ويحظى بالقبول والبركة، فحضرت الخيمة الثقافية وأثث فضاءها العديد من القامات الفكرية والعلمية والتعبيرات الثقافية المختلفة، وسط حضور جماهيري كبير، متلهف للتسلح بالمعرفة العلمية لتنير له موائد الفرجة في محرك التبوريدة.
ولم يكن المهرجان ليكتمل دون الاعتماد على قوة إعلامية كبيرة، حققت ما يصبو إليه من إشعاع وانتشار واسعين، ليس فقط إقليما بل حتى على المستوى الوطني، حيث أن القنوات التلفزية الرسمية كانت حاضرة في نقل أخباره.
ولا أخفي سرا، أن لولا هذا المهرجان لما زرت هذه الجماعة ولا كتبت عنها هذه الأسطر.
يمكن القول ،أن مكونات جماعة أولاد إملول كسبت رهانها من المهرجان رغم فتوة هذه التجربة . فمهرجان سلام استطاع أن يسقط عن نفسه التهم الجاهزة و الأحكام النمطية، التي عادة ما ترافق تنظيم مثل هذه المهرجانات، ليكون بذلك موسما مفتوحا بشكل دائم بفكرته الشاملة ورؤيته التنموية. فكل نسخة من المهرجان ستكون مؤشرا تنمويا ومحطة للتقييم و الوقوف عند الحصيلة .
سأحرص على تتبع هذه التجربة الفريدة، لأنها جلبت اهتمامي، واغرتني لأكون جزءا منها رغم أنني إبن إقليم الصويرة، فالدكتور عبد القادر صاديق أحد المحاضرين في المهرجان لم يجامل عندما ذكر أن الرحامنة تجبرك على محبتها.