النقل المدرسي بإقليم وزان حصل التسليم وغابت المحاسبة

شارك الموضوع

 أصداء المغرب من وزان : بقلم نورالدين عثمان

بعد مخاض عسير خرجت للوجود اليوم الشركة الإقليمية للنقل المدرسي بإقليم وزان ،وتم تدشين في حفل بهيج بمقر عمالة وزان صباح اليوم حضره كل المسؤولين وبعض الضيوف إضافة إلى بعض وسائل الإعلام المحلية والوطنية.
النقل المدرسي أصبح يدخل في نطاق الإختصاصات الذاتية للمجالس الإقليمية حسب الميثاق الجماعي الأخير المنظم لمجالس العملات والأقاليم، بعد أن كان يتم تدبيره بين جمعيات محلية ومجالس الجماعات الترابية.

صحيح أن عملية نقل الإختصاصات من الجمعيات المحلية إلى المجلس الإقليمي تأخرت قليلا لعدة أسباب وإكراهات لا يتسع المقام لذكرها ، لكن يحسب للمجلس الإقليمي لوزان المجهود الكبير الذي بذله في هذا الصدد على إعتبار أن المجلس الإقليمي لوزان هو أول مجلس إقليمي في المغرب قام فعليا بترجمة أحد اختصاصاته على أرض الواقع ،فكانت النتيجة تأسيس أول شركة إقليمية للنقل المدرسي في المغرب، وهذه نقطة تحسب لمجلس إقليم وزان.

لكن خلف هذا التدشين والتسليم البهيج تطرح الكثير من الأسئلة مع مساحات كبيرة من المناطق الرمادية تختزل الكثير من الغموض بشأن تدبير هذا الملف لعقد من الزمن ،وتتطلب إجابات واضحة من كل المعنيين بالأمر، لأننا نتحدث هنا عن أموال عامة وخاصة ( واجبات اشتراك التلاميذ) تقدر بمئات الملايين من الدراهم، وتم صرفها بطرق تشوبها الكثير من الإختلالات والعشوائية قد ترقى إلى جرائم الأموال والغدر.

كيف ذلك؟؟؟
الجمعيات المحلية المكلفة بتدبير قطاع النقل المدرسي بالإقليم حصلت طيلة عقد من الزمن على دعم مالي سخي من طرف الجماعات الترابية ومن جهات أخرى… ،إلى درجة أن الدعم المالي الذي قدمه بعض رؤساء الجماعات الترابية للجمعيات فاق كل التصورات ولايمكن القبول بكل التبريرات التي يحاول أن يدفع بها البعض من أجل إبعاد الشبهات من حوله ، كما أن هذه الجمعيات جمعت أموال طائلة من آباء وأولياء التلاميذ من أجل الإستفادة من النقل المدرسي ،وهذه الاشتراكات الشهرية دفعها بؤساء وبسطاء هذا الإقليم ،مع الأخذ في الاعتبار أن جل الجمعيات تم تأسيسها تحت جنح الظلام ،وفي بعض الأحيان كان يتم تأسيس وتجديد هذه الجمعيات دون احترام المساطر القانونية ودون تبرير المداخل والمصاريف لدرجة أن بعض الملفات وصلت إلى أبواب القضاء وأخرى لم يفتح التحقيق بشأنها بعد، كما أن الولاءات الحزبية كانت حاضرة عند التأسيس والتجديد.

في المحصلة وبعد كل هذه السنوات من تدبير هذا القطاع من طرف الجمعيات المحلية بشراكة مع أطراف أخرى ،كانت النتيجة كالآتي :
– ميزانيات مثقوبة نتيجة العشوائية والضبابية في التسيير.
– أسطول من الحافلات مهترئ ولم يعد صالحا للإستخدام رغم الملايين التي صرفت على صيانته سنويا.
– جمعيات مفلسة وتركت وراءها ديون باهضة، رغم كل الأموال التي جمعتها من التلاميذ أو حصلت عليها كمنح مالية سنوية من الجهات المانحة.

– ضياع حقوق المستخدمين بعد سنوات من العمل سواء كسائقين أو مساعدين.
ورغم كل هذه الملاحظات حصل التسليم دون أدنى مسائلة أو محاسبة لهذه الجمعيات أو للجهات المانحة.
وهكذا نكون قد ساهمنا جميعا في خلق جيل جديد من اللصوص الصغار سيرا على نهج اسلافهم الكبار ،لأن هؤلاء الصغار هم من سيحمل مشعل تدبير الشأن العام غدا ، والنتيجة معروفة مسبقا.

صدق الفان المصري الراحل أحمد زكي عندما صدح صوته أمام القاضي في إحدى أفلامه الشهيرة “… سيدي القاضي، كلنا فاسدون…”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا